السبت، 20 فبراير 2010

البنت المشغولة جداً !
























البنت المشغولة جداً التي تختبأ بين أشيائها الآن .. هي البنت التي زعمت ذات مساء بأن غياباتك التي لم تهجرها ابداً هي حق مشروع لك ولها ايضاً في أن تعتاد ذلك .. أن تعتاد أنك ملك عام , لا خاص ! , وأنك ايضاً شيء مفقود ككل هذا العالم , وأنها هي ايضاً بالنسبة لك البنت البعيدة .. القريبه !
البنت المشغولة جداً أخبرتها أمها ذات براءة أن الحزن فستان له رائحة السمك النتنة قذر ورث ولا يناسب الفتيات الجميلات أمثالها . وحين عتقت العشرين لم تنس " الخبرية " هي متقنة جيدة توزع إبتسامات صغيرة كنقطة فرح لمن يقابلها وكحلوى تدسها في أفواه المرضى .
البنت المشغولة جداً هي البنت الشقية التي تفتن بين السماء والأرض , تقتل هدوء الأطفال , تقص قصص المؤدبين حتى ينتفض لها صبي السادسه من العمر .
البنت المشغولة جداً تتمرس الآن في جعل صوتها أغنية .. وأغنيات , لا شيء أشبه بجنازه .. شيء يشبه أن تكون أستنفذت طاقة بكاء حادة ليلة البارحه وأنها كانت تنام بغصة .. غصة لم يصافحها الوقت .
حسناً .. البنت هي عاقلة تماماً لما يعنيه وجودك المؤقت , كالموتى وكنحن .. وكمثل كل شيء حي ! لذلك هي تهتم بالوقت وتحسب أن كل الدقائق التي تستمر معك هي عمر إضافي للسعادة التي خلقها الله لها .. ولك بالمناسبة .
أتذكر .. وأنه في كل يوم كان لك ومعك ايضاً تخزن رائحتك المتبقية في ذاكرتها المهزوزة .. وفي كل يوم قبل أن تنام تسترجعك بمهارة .. تضحك وتدعو لك بالسلام .
البنت المشغولة جداّ فارغة ممتلئة بك .. تراك في هيبة الملوك , في وجوه الأطفال , تعب المدن , ظلام الشوارع , في أغنيات الصباح , في كل الضحكات البريئة وقصائد الشعراء المنسية .
البنت المشغولة "جداً " لاتهتم وغير مهمة ايضاً !
تقص وجوه العابرين تقرأ قصيدة وتترك المكان مشغول برائحتها !
البنت المشغولة لا تفتش عن أسرار الآخرين هي تمتهن التخمين كشيء تكشفه ظلالهم .. أيديهم الضائعة .. قطعاً لا ألسنتهم .
البنت المشغولة تركت قلبها مفتوح يوم ما فأفسده مفتعل ولم تعد تنسى إقفاله قبل كل إغماءة .
البنت المشغولة تقول لك أسرارها تسربها كنكت غابره ويرتد طرفها خجلا .
البنت المشغولة تستفيق الصبح , ترتجف لإغماضة الشمس وفي عيناها حكايات ألف ليلة وليلة .
البنت تحفظ للمتنبي وأبي العلاء , تحب زوربا .. وتموت كمالك ابن الريب , تقلد صوت الببغاء وتبكي كالسماء تماماً .
البنت المشغولة طيبة كرائحة العود .. كأمهات يخبأون الجنة .. كأبواب القرية الموجوعة .
البنت المشغولة هي التي تعشق فسق الرياض المدينة .. طعم الغبار , غضب الغيم , أشباح ساكنيها .
هي البنت التي تقول أن العمر فرصة ذكية يمنحها الله لنا تكشف كم عليك أن تكون كما أردت ,وكما يحبك الله .
البنت المشغولة - جداً - لا تجيد قراءة الجريدة , ولكنها تبحث دائماً عن جزء مسروق منها تحت أي حديث رياضي مشبوه .. أو أنها تحتفظ بقصاصة كاريكاتير كضحكات للأيام الموجعه .
البنت المشغولة جداً لم تكن زوجه , ولكنها كانت أم .. وكمجرد رغبة أنها كانت تمارس حلماً أنجب طفلة تشبهها - ساذجة جداً - وأمنية تدس في فمها السم كل ليلة قبل أن تغفو حتى تموت حين تستفيق .. البنت المشغولة لا يعرفها أحد ولاتعرف أحد .. هي ذات الإنطباع السيء للوهلة الأولى !
هي نفسها البنت التي قالت عنها صديقتها أنتِ مريضة .. أنت البنت الشبهه , وبعد مدة قالوا أنها ( فتنة ) .
هي ذاتها البنت التي يسكنها الهدوء .. هي البنت ذات العقدة السادسه في الحديث , هي البنت الثرثارة والتي تقتصد صوتها كثيراً .. هي البنت التي تجيد صقل حكاياتها للنباتات هي البنت التي تنمو لحديثها الحياة .. هي البنت التي لها صديقات كالشتاء وكبخار الماء على سطح النوافذ .. فقراء للصدق .. كل مانملكه أن نلتقط صور مضحكة .. أو أن يكون الحديث غناء .. وعن أمنية في عنق الزجاجة .. هي البنت التي فقدت العمر القديم كبالونة طفل فتلت من يده لتسبقته للجنة .. وهي البنت نفسها التي تزرع العمر الجديد إليك وبين يديك .
هي البنت التي تذمرت والدتها من حياديتها , وهي البنت التي تشتغل أمها في كل صلاة بدعاء لصلاحها ..
هي البنت التي لها مزاج القهوة في رأسك .. ورائحة البيض الفاسد .
هي البنت المدينة .. والأنثى المسكونة فيك .
هي البنت الفارغة جداً جداً , والمشغولة بك .


وهي البنت ذاتها التي حين سرقتهم عين الكاميرا أخذتها الدهشة بعيداً بعيداً .. ونسيت أن تبتسم !